الصفحة الرئيسية فوق بيانات الجمعية ملاحظات الزوار دراسات و تقارير بحث روابط للإتصال بالجمعية

 

 

 

الجلسة التاسعة لمحاكمة النائب الحمصي

 

الحمصي يدخل المحكمة على عكازين ويتهم سجانيه بمحاولة "تصفيته"

 

أخبار الشرق-7-3-2001
نقل النائب السوري المستقل محمد مأمون الحمصي أداءه الشخصي في المحكمة إلى مرحلة جديدة، وبدا مندفعاً في حديثه خلال الجلسة العلنية التاسعة من محاكمته أمس الأربعاء، إذ عبر صراحة عن تعرضه لعمليات "تعذيب" على يد سجانيه، مشيراً إلى مخطط هدفه "تصفيته جسدياً".
ولم يدخل الحمصي إلى قاعة محكمة الجنايات الثانية مع باقي المتهمين، وبعد قليل دخل القاضي محمد جاسم وبدأ ينظر في الملفات واحدة تلوى الاخرى، ما دفع البعض من الحضور الملون كالعادة بين دبلوماسيين وصحفيين واقارب الحمصي، إلى الاعتقاد بأن انتظارهم سيطول، لكن الجميع فوجئوا عندما فُتح باب القاعة ثانية وظهر "النائب السجين"، كما يلقب نفسه، وهو يتكئ على عكازين، ويرتدي لباس النوم، وقد طالت لحيته كثيراً حتى بدا كرجال الدين، وهمّ بالدخول الى القاعة وهو ينشد "بلادي .. بلادي .. لك حبي وفؤادي".
ودون أن يأبه إن كانت المحكمة منعقدة دخل إلى القفص، وساعده اثنان من المتهمين، ثم بدأ يوزع تحياته على الحضور بصوت مسموع، وأخرج ورقات من داخل قميصه واعطاها لابنه الصغير الذي هب ليسلم على والده هو وشقيقه، وبعدها أخرج علما صغيرا من داخل قميصة ايضا وعلقه على صدره، بمساعدة متهمين آخرين ايضا.
وبعد كل الضوضاء التي أحدثها الحمصي فضل القاضي المباشرة بمحاكمته فوراً، للتخلص سريعاً من الموقف، فقرأ على الحضور بصوت يكاد لا يسمع، قرار محكمة الاستئناف برفض قبول دعوى رد القضاة، التي كانت هيئة الدفاع رفعتها ضد هيئة محكمة الجنايات الثانية بتهمة تزوير محضر إحدى الجلسات السابقة. وبناء على ما سبق طلب القاضي ان تتقدم هيئة الدفاع بمرافعاتها في الجلسة القادمة على اعتبار ان قرار محكمة الاستئناف قطعي ولا يقبل الطعن.
غير ان اعضاء هيئة الدفاع اعترضوا بشدة، وأكد المحامي انور البني، ان محكمة الاستئناف ردت الدعوى الاولى التي تقدمنا بها شكلا، الامر الذي دفعنا الى تقديم دعوى جديدة مستكملين الشروط القانونية لإقامتها، وأبرزنا بيان بالدعوى ونطالب على اساس ذلكب تأجيل المحكمة إلى حين أن تقوم محكمة الاستئناف بالبت بدعوى الرد.
لكن القاضي لم يوافق على كلام البني وأصر على ان قرار محكمة الاستئناف قطعي، الامر الذي دفع البني الى المطالبة بتسجيل اعتراضه على قرار القاضي في ملف الدعوى، وقال وعلامات الانفعال واضحة عليه إن "قرار المحكمة غير قانوني ولا دستوري، وهناك دعوى رد أخرى مقامة (امام محكمة الاستئناف)، وليس من صلاحيات هيئة المحكمة (الجنايات الثانية) ان تقرر البت بالدعوى".
وتدخل النائب الحمصي بالحديث بعد أن سمح له القاضي وقال "لا أتصور ان محكمة او قانون في العالم يبقي السجين 9 أشهر (عاد وصححها لاحقاً بفترة 7.5 شهر) دون اصدار الحكم، واطلب منكم ان تصدروا هذا الحكم وتخلصونا".
فرد القاضي جاسم محمد المناعي إن "هيئة الدفاع هي التي تماطل من أجل مد فترة المحاكمة"، وعقب البني "لا نسمح بأن تتهمونا بذلك لان موكلنا يُحاكَم وهو معتقل ولا مصلحة لنا بمد فترة المحاكمة". وتدخل الحمصي ثانية ليقول "لقد تعرضت لابشع انواع المعاملات الصحية، وانت يا سيادة القاضي طلبت احالتي الى المشفى قبل ثلاث جلسات ولم يتم ذلك".
وقرأ هنا القاضي فقرات من تقرير الطبيب الشرعي منها أن الحمصي مصاب بمرض السكري ولا يلتزم بالحمية ما ينعكس سلباً على صحته. فرد الحمصي: هذا تقرير مصاغ وفق إملاءات انت تعرفها، وأنا بعد الجلسة التي طلبت بنقلي فيها الى المشفى قاموا وخلال ساعة ونصف بقص قطع من لحم قدمي دون تخدير، ثم نقلني اربعة عناصر الى غرفتي في السجن ورموني فيها، ولم يزرني أي طبيب خلال شهر كامل.
وسأله القاضي ان كان الذي عالجه طبيب فنفى الحمصي ذلك، واضاف نحن في السجن سُررننا بالاخبار التي سمعناها عن الزيارات التي قام بها السيد الرئيس بشار الاسد الى ايطاليا، وسمعنا قوله ان السجون في سورية من اجل التأهيل والاصلاح، وأسألك الان من له الحق في ان يحولها الى مراكز للتعذيب؟
فقاطعه القاضي وطلب منه ان يذكر اسماء الذين يعذبوه، غير ان الحمصي رفض ذلك مبرراً الامر بأنه سيعود الى السجن وسيكونون بانتظاره، وطلب من القاضي ان يتحقق هو من الامر، فهو الذي اعطى قرارا بتحويله الى المشفى وهو الذي عليه محاسبتهم.
واضاف: نحن نصطدم مع اخطبوط كبير، وقد وصل ضغطي مرتين الى 6 وشاهدت الموت، ولكن معنوياتي عالية هم يريدون تصفيتي جسدياً وسيسعدون اذا ما شاهدوني اموت، لا بد أن اوضح ان الدواب في البلاد الغربية تلقى افضل العناية الطبية، وانا نائب في مجلس الشعب ولا ألقى العناية المناسبة.
وركز الحمصي خلال حديثه الذي استمر نحو 20 دقيقة، على شرح الظروف "اللاإنسانية" التي يعانيها في السجن وعن بطلان التهم الموجهة إليه، مستشهداً بأنه أقر بالدستور السوري عندما رشح نفسه لعضوية مجلس الشعب.
وتدخل المحامي حسن عبد العظيم (رئيس الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي المعارض)، أحد اعضاء هيئة الدفاع بالطلب من القاضي، بضرورة تحويل النائب الحمصي الى المشفى وقال انه ليس من صلاحيات الطبيب الشرعي ان يقرر اذا ما كان موكلنا يحتاج الى المشفى ام لا، وهذا القرار هو لكم، والمشفى هي التي يجب ان تقوم بعلاجه، مع الاشارة الى وجود قسم خاص للسجناء في مشفى المواساة.
بدوره طالب المحامي هيثم المالح (رئيس جمعية حقوق الانسان في سورية غير المرخصة) باطلاق سراح موكله فورا، وقال: ألا ترى عدالة المحكمة أن استمرار اعتقال الحمصي الذي ما زال نائبا يمثل الشعب، لمجرد اصداره بيانا من صفحة واحدة هو جريمة بحق العدالة؟، واضاف "نحن نذهب لزيارته كهيئة للدفاع ويتم منعنا من لقائه على انفراد .. كيف يتكلم لنا عما يعانيه أمام ضباط يجلسون معنا في الغرفة ذاتها؟"، وتابع قائلاً "انه ليس مجرما يخيف المجتمع وبالتالي لا بد من اخلاء سبيله ومحاكمته طليقاً".
ثم رفع القاضي جاسم محمد الجلسة حتى 12 آذار الجاري حتى يبت في ما تم في جلسة الامس. وبعد ذلك مباشرة اخرج ضباط الشرطة الحمصي من القفص، لكن هذا عاد ورفع صوته محييا كل الموجودين، وخرج وهو ينشد النشيد الوطني السوري.
وفي تصريحات بعد انتهاء الجلسة قال المحامي أنور البني إن القاضي جاسم محمد "رد الطلب بشكل مخالف للقانون، وكلفنا بتقديم الدفاع مباشرة في الجلسة القادمة، وهذا تجاوز لأصول المحاكمات، وخصوصا انه حرمنا من كل وسائل الدفاع: من سماع الشهود ومن استجواب الموكل، (..) وبالتالي فان كل الإجراءات باطلة، وواضح أن المحكمة لديها قرار مسبق مبيت ومتعجلة كي تخرجه لتخلص من هذه الورطة التي وضعت فيها".
واضاف "نحن سنحاول قدر الإمكان أن لا نسمح للمحكمة بتجاوز القانون والأصول وتجاوز الدستور وانتهاك حقوق المتهم والدفاع حتى تصدر قراراً مفبركاً ومقرا من "فوق"، ولن نسمح بهذه المسألة بكل الأحوال". ورداً على سؤال بان القاضي ربما يصدر قراراً لصالح الحمصي قال البني "اننا نناقش الإجراءات الصحيحة وليس القرار النهائي، والقرار الصحيح يجب أن يصدر بطريقة صحيحة".
ملحق بيان الحمصي
ووزع أقارب النائب ورقة كان الحمصي كتبها بخط يده وسلمها لابنه داخل المحكمة وجاء تحت عنوان "الملحق الثاني لبيان النائب محمد مأمون الحمصي". وشكر الحمصي في بيانه "من وقف الى جانب سجناء الرأي داخل سورية وخارجها"، وأكد أن "كل ما نسعى اليه هو من اجل الاصلاح ومن اجل التطوير ومن اجل التحديث وليس من اجل دب الفوضى والاساءة لسورية والى شعبها او الى السيد رئيس الجمهورية".
وقال "حين نتكلم عن محاربة الفساد فهذا لا يعني ان كل من كان في موقع المسئولية اصابه هذا المرض، وليس كل من كان بموقع المسئولية اعتدى على خيرات الوطن هو واولاده، فهناك من اساء وهناك من اخلص، وان الشعب يميز بين الاثنين، وحين نطالب ونتمسك بمطالبنا بالامور الحساسة فهذا واجبنا، وسأضرب مثال حين نقول اعادة ترتيب الاجهزة الامنية هذا لا يعني اننا نريد التخلص منها او إلغاءها وليس كل من عمل بهذه الاجهزة هو مرتكب او مصدر رعب واساءة، فهناك شرفاء وهناك الساهرون على امن الوطن والمواطن وهذا من واجب الدولة".
واضاف "نريد اجهزة امن تكون ملجأ وأماناً للمواطن وان لا يشعر البعض ان عمل الاجهزة لانتزاع الولاء بطريقة الرعب والخوف، نريد الولاء الناجم عن العطاء والاخلاص والبناء الذي ينصب لمصلحة سورية وان يتمتع الجميع بالحرية والكرامة وان يكون التعبير والحوار السلمي سائداً بين الجميع، وأتمنى ان لا يستطيع احد ان يضلل هذه الطروحات وان لا يحرفها عن هدفها وغايتها ولو ان البعض استطاع ايصالنا الى السجون لغير وجه حق".
وأثنى الحمصي على الخطوات الإصلاحية التي يقوم بها الرئيس الاسد وقال "إننا نثمن ونقدر الجهود التي يبذلها السيد الرئيس الدكتور بشار الاسد في الآونة الاخيرة وخاصة الجهود الدولية من اجل سورية ورفعتها، ومن اجل احلال السلام العادل والذي يوقف حمام الدماء في كل يوم يذهب المئات من الابرياء من اطفال ونساء وشيوخ، كما اننا نحترم ونقدر الخطوات التي تسير من اجل تنفيذ خطاب القسم ومن حقنا ان نطلب دوما المزيد من رجل يتمتع بمزايا وامكانيات كبيرة ودائما ندعو له بان يكون حوله الشرفاء والمخلصين والصادقين لبناء هذا الوطن".
ومع انه اعلن تضامنه مع النائب العربي في البرلمان الاسرائيلي عزمي بشارة، فقد عبر عن استغرابه تلميحاً من دفاع المحامين السوريين عنه، وإغفال النواب في بلدهم. وقال "من غرفتي في سجن عدرا أعلن تضامني وتأييدي للنائب عزمي بشارة الذي احبه واحترمه، ولقد كان لي الشرف لقاءه اثناء وجوده بين اهله في مدينة القرداحة اثناء تأبين الراحل الكبير حافظ الاسد، رحمه الله. وكم سررت لهذا التضامن العالمي والعربي لهذا المناضل، ولو انني استغربت من البعض من البيانات الرنانة التي تحدثوا بها عن حصانة النواب وعن الخرق لحقوق الانسان، كأن هذا الامر لا يعني سوى حدود فلسطين، وان ما يقومون به بحق اوطانهم وسلوكهم تجاه شعوبهم مباح لهم عبر عشرات السنين".
وتحدث الحمصي عن ذات الفقرات التي أثارها داخل قاعة المحكمة بما فيها "المحاولات لتصفيتي جسدياً"، وأكد في البيان الذي ذُيل بعبارة "النائب السجين محمد مأمون الحمصي"، أنه مستمر في رسالته رغم معاناته "ورغم كل المحاولات لتصفيتي جسدياً، وقد شاهد الكثير كيف وصل حالي أثناء الجلسة السابقة، كيف كانت الدماء تسيل من قدمي وكنت محمولا من فراش الى المحكمة، وعدت الى السجن وأُجري لي عمل جراحي لمدة ساعة ونصف من دون اعطائي بنج (تخدير) وأنا أتألم دون منصت أو مغيث، وبعدها حُملت الى غرفتي، ولمدة شهر لم يزرني طبيب وكأنهم ينتظرون موتي وليتمتعوا من آلامي ليلاً ونهاراً".
وبرر الحمصي ملاحقته مالياً بالضغط عليه، وقال "منذ أيام حضر الى غرفتي احدهم ويبلغني قرار الحجز وكتبت لهم اذا ارادوا اخذ كل شيء ليبقوا لاولادي خيمة يرفع عليها علم الوطن". وأضاف "أريد ان اوضح لماذا تقوم رئاسة المجلس (مجلس الشعب) بكل هذا الضغط .. هل هو نتيجة الطروحات التي تتعلق بمطالبتي الدائمة بتشكيل لجنة لحقوق الانسان التي تغضب رئاسة المجلس؟ هل نتيجة مطالبتي الدائمة بعدم خرق النظام الداخلي؟ هل نتيجة لممارسة حقي وفق الدستور وترشيحي لرئاسة مجلس الشعب بتاريخ 17/12/1998 الذي لم يحصل منذ عام 1963، وقد تم اعتراف الدولة بقانونية هذا الترشيح وتم اعلانه؟ هل هذا الضغط نتيجة لمطالبتي ببيان صرف مئات الملايين التي تخصص لهذا المجلس وفق المادة 8 من نظامه؟ واريد ان اوضح لكم انني من طالب بتشكيل لجنة للوقوف عند الحقائق وهذه المكائد الضريبية الوهمية، وانني اعلم ان هناك المزيد من المكائد والافتراءات، وان من أمثلهم (الشعب) منذ 12 عاماً يعرفون الصادق من المفتر".
وختم الحمصي بيانه قائلاً "إن الاوطان لا تبنى الا بالصدق والحب والتضحية". يُشار إلى أنه حضر جلسة المحاكمة أربعة دبلوماسيين من إسبانيا وألمانيا والنرويج واليابان.

 

[تحت] [الصفحة الرئيسية] [فوق] [الصفحة التالية]

 

 الرجاء إرسال أي بريد الكتروني  بخصوص موقع الجمعية إلى  hrassy@ureach.com
Copyright © 2002 HRAS-Syria
آخر تحرير لهذه الصفحة: 2002-05-23 

Hit Counter