الصفحة الرئيسية فوق بيانات الجمعية ملاحظات الزوار دراسات و تقارير بحث روابط للإتصال بالجمعية

 

 

رئيس جمعية حقوق الإنسان في سوريا المحامي هيثم المالح في حديث لـ "العدالة"

خلافي مع النظام حول مسألة الحريات

 

أجرى الحوار: د.رامز طباع

 

الأستاذ هيثم المالح رئيس جمعية حقوق الإنسان في سوريا في غنى عن التعريف فهو مرجع قانوني معروف ووجه من أبرز وجوه المعارضة الديمقراطية في سوريا اعتقل للمرة الأولى عام 1951 وللمرة الثانية عام 1980 حتى نهاية عام 1986 بسبب نشاطه النقابي حيث شغل منصب رئيس صندوق تعاون المحامين وكان عضوا في لجنة الحريات العامة وحقوق الإنسان منذ عام 1978.

عمل في القضاء عشر سنين وصرف من وظيفته بمرسوم تشريعي بسبب خلافه مع النظام الذي بدأ مع اغتصاب السلطة في 8 آذار عام 1963 وبلغ اوجه عام 1965 حين انتخب عضوا في لجنة قضائية لمناقشة حالة الطوارئ التي نجم عنها اعتقالات تمت في عام 1965 إثر مداهمة الجامع الأموي وقتل المصلين فيه على يد الضابط سليم حاطوم.

وقد أصدر المالح بيانا ندد فيه باعتقالات المصلين وطالب بإطلاق سراحهم وإحالتهم إلى القضاء العادي حيث بلغت أعداد المعتقلين حينها عشرة آلاف.

وحينها أضرب المحامون وعلق المالح المحاكمات مع زملائه القضاة لمدة أسبوع احتجاجا على هذا الوضع.

خلافه الرئيسي مع النظام هو موضوع الحريات وحقوق الانسان واستقلال القضاء وسيادة القانون والتي لا يزال يعمل في إطارها حتى الآن داخليا وخارجيا.

 

* كيف تنظرون إلى أوضاع حقوق الإنسان في سوريا بعد أكثر من عام ونصف العام على تولي الرئيس بشار الأسد مقاليد السلطة؟

**إن المشكلة الأساسية في أي مجتمع يرنو إلى التقدم والعدالة هي في أن يسود القانون العادل المنبثق عن إرادة الشعب الحرة على جميع المواطنين وهذه هي أولى الخطوات التي ينبغي معالجتها 

ففي سوريا كما في معظم العالم العربي لايجري انتخاب حر نزيه لممثلي الشعب في المجالس النيابية ومعظم أعضاء هذه المجالس إما معينين من السلطة الحاكمة أو  حصلوا على الأصوات بطريق التزوير وبالتالي فإن مجالس الشعب    أومجالس النواب ما شئت أن تسميها لا تمثل إرادة الشعوب وبالتالي فإن القوانين التي تصدرها هذه المجالس هي قوانين لاتعبر عن إرادة الأمة، وهي قوانين باطلة 

من جهة أخرى ولو سلمنا جدلا بشرعية المجالس النيابية فهي لا تستطيع عمل شيء بمواجهة السلطة الحاكمة إما لإحساس أعضائها بالضعف نتيجة عدم صحة الانتخابات، وإما لطغيان السلطة في الأنظمة الاستبدادية الشمولية وعدم وجود أية حماية تحمي الانسان من عسف وجور النظام 

 

*هل تحدثنا عن تجربة الاعتقال التي تعرضتم لها وما الضمانة ان لا تتكرر التجربة طالما مازلتم تجاهرون بمعارضتكم؟

**ومن هنا تم اعتقالي مع زملاء لي في نقابة المحامين وفي نقابة المهندسين حيث زج بنا في السجون دون اثم اقترفناه أو هفوة صغيرة عملناها ، فقط كوننا تكلمنا عن حقوق الانسان ، في اللجنة المنبثقة عن نقابة المحامين في فرع دمشق ، فلقد أقرت الهيئة العامة لفرع نقابة المحامين في دمشق القرار رقم 1 لعام 1978 الذي طالبنا فيه برفع حالة الطوارئ والإفراج عن المعتقلين أو إحالتهم إلى المحاكم العادية وإلغاء القضاء الاستثنائي ثم تصاعدت المواجهة مع النظام في إطار القانون حتى تم اعتقالنا في مطلع عام 1980 وقضيت سبع سنين في العديد من سجون السلطة في دمشق بينما قضى غيري أكثر من ذلك أوأقل 

لقد كانت تجربة مريرة مؤلمة وإن كانت قد فتحت عيني على رؤية أوسع لمشكلات الوطن ، والاحتكاك بباقي التيارات الفكرية التي كانت مجتمعة في السجون ، ففي تلك الفترة لم يترك النظام خارج السجون سوى من وافقه مسيرته في الحكم أو خاف على نفسه فتدثر بأغطية الخوف والرعب ولم ينبس ببنت شفه، والساكت عن الحق شيطان أخرس "كما هو معروف" 

فلو علم الناس أن الحياة كلها هي وقفة عز لما وهنوا ولما استكانوا ولما ضعفوا لما أصابهم في سبيل الله ونصرة الحق 

فحين تقدمت صفوف المنادين بالعدالة وسيادة القانون وحقوق الانسان كانت الأمة بأغلبها تغط في سبات عميق، إلا أن ما دفعني لأتحرك في عام 1978 هو الشعور بالظلم والجور الذي يصيب الجميع

بينما القسم الأعظم من الأمة كان يريد أن يحصل على المغانم دون أن يدفع الضريبة التي تستحق عليه كما قال تعالى (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين ) 

فلا يوجد شيء دون ثمن والحرية لها ثمن غال كما قال الشاعر :

وللحرية الحمراء باب                              بكل يد مضرجة يدق

إن تجربة السجن بقدر مرارتها إلا أنها كانت حافزا لمواصلة العمل ومواصلة الجهاد والانفتاح على الجميع لأننا بحاجة للجميع 

ولعل السؤال الصعب هو هل أنني أخاف العودة لما كنت فيه ؟ فأود أن أؤكد أنه لا ضمانة لأحد ولامظلة تظل أحدا ولاعاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وأقول (فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين )

 إعلم أخي الكريم أنه قد عرض علي عمل في سائر أنحاء العالم ، وهو أمر ترحب به السلطات السورية، ففي اليوم الأول لاعتقالي سمعت من أحد ضباط المخابرات كلاما واضحا (لانريدك  في هذا البلد )  فهل أستجيب لهذا الطلب؟ هنا السؤال الصعب فكيف من أصدقائي يريدون مني  المغادرة ويرون أن ذلك أفضل؟ وأقول وقد بلغت من العمر سبعين عاما ماذا أدخر للغد ؟ وهل أقتلع جذوري من بلدي الحبيب دمشق ! وإلى أين أذهب حتى أكون في مهب الريح ؟ وأين الصبر على المكاره ؟

 

*انتقدتم في أكثر من مناسبة القضاء السوري وأنتم من خلال مساهمتكم في الدفاع عن النائبين مأمون الحمصي ورياض سيف صرحتم بهذا النقد وتعرضتم لعقوبة من نقابتكم .. كيف تنظرون إلى واقع القضاء السوري وسبل إعادته إلى دوره الطبيعي كسلطة مستقلة؟

**لقد قضيت من عمري قرابة عشر سنين في القضاء السوري حين كان قضاء نزيها عادلا يكرس قضاته إحقاق الحق إلا أن القضاء الآن  أضحى ألعوبة بيد النظام ولقد كتبت مقالا مطولا في مجموعة الديمقراطية وحقوق الانسان التي تصدرها الجمعية العربية في باريس فيمكنكم الرجوع إليه 

والاصلاح يحتاج إلى إعادة صياغة تشريع جديد يصوغه فقهاء كبار كما يحتاج أن تكف السلطة عن التدخل فيه وهما أمران عسيران في الوقت الحاضر 

 

*لماذا لم يتم الترخيص لجمعيتكم جمعية حقوق الانسان في سوريا حتى الآن وما الاجراءات الاتي ستقدمون عليها في حال تواصل رفض الترخيص؟

**تقدمنا بطلب الترخيص للجمعية وستنتهي مهلة انتظار ستين يوما في  يوم 10/2/2002 بعدها وفي حالة الرفض سنقاضي الجهات المختصة أمام القضاء الاداري 

 

*ماهي خططكم المستقبلية على صعيد الجمعية ؟

**الآن سننتقل لبحث أوضاع حقوق الانسان في سورية في ظل الاحوال السائدة  حين تم الانتخاب للرئيس السوري الحالي الدكتور بشار الأسد على الطريقة التي تم بها هذا الانتخاب قلنا، والحال ليست بيد الشعب وإنما بيد مجلس الشعب الذي كان قائما آنئذ ؟ قلنا لعل أن يكون في التغيير خير ولعل خطاب القسم الذي سمعناه كما سمعه غيرنا يفتح بارقة أمل للتغيير فقد طال زمن الظلم والذي إذا دام    كما هو معروف دمر في حين إذا دام العدل عمر

إن ما يمكننا وصفه الآن في سورية ماهو إلا استرخاء سياسيا بمعنى أن سطوة الأجهزة الأمنية أقل من السابق إلا أنها لاتزال بيضة الميزان وبيدها كل شيء تقريبا وهي أجهزة متعددة متفرعة ولاتزال سلطاتها غير محدده بقانون ولا نظام وبالعكس فإن قانون إحداث جهاز أمن الدولة أعطاها صلاحيات تصل لحد القتل دون مراقب أومحاسب    لطفا رسالتي إلى الرئيس وهي مرسله مع هذه الكلمة 

فكيف يمكن أن نتصور بلدا يسود فيه قانون سري يعطي الأجهزة الأمنية حق ارتكاب الجرائم دون محاسب ؟ 

لقد طالبت برسالتي للرئيس تعديل أو إلغاء نصوص عديدة ولم أتلق حتى الآن أي جواب ، كما لم ألمس في واقع الحياة أية إشارة تدل على تحقيق أي من المطالب التي ذكرتها 

إنه مالم يتم إلغاء العديد من القوانين واخضاع كافة الأجهزة الأمنية للسلطة القضائية والغاء دور التوقيف التي لاحصر لها في سوريا والغاء إعلان حالة الطوارئ فلايمكن لنا أن نتأمل بتطور أساسي في حقوق الانسان ، ولئن كنا نشعر هنا في سوريا ونحن نرابط في هذا الثغر الهام في مواجهة الانحرافات المتعلقة بحقوق الانسان والمناداة بسيادة القانون أنه لابد لهذا الليل من آخر ولابد أن ينتصر الحق لأن الانتصار له انتصار للعدالة وانتصار لحقوق الانسان ولإرادة الله التي طالبنا فيها بالعدل والاحسان  وأود أن أذكرهنا أن للأديبة الألمانية آن ماري شمل عبارة تقول ( سيقهر الماء صم الحجر ) وأنا اعتقد ذلك جازما ، وأسيرفي الطريق التي أراها قدري غير عابئ بمن يتساقط حولي من ضعاف النفوس الذين لايريدون أن يقدموا لهذا الوطن حتى ولا ذرفة دمع 

إن مسألة حقوق الانسان هي مسألة تؤرق معظم الأنظمة العربية التي تري في الجمعيات والمنظمات التي تعنى بهذا الجانب بإنها تحشر نفسها في جميع مناحي الحياة وبالتالي تشكل ازعاجا للسلطات إلا أن الإصرار الذي تبديه منظمات حقوق الانسان وترابطها مع بعضها داخليا وخارجيا يؤمن لها شيئا من الدعم والقوة كما أنه من المعلوم أن هذه المنظمات أو الجمعيات لاتتدخل في سياسة الدولة ولاتنحاز لطرف دون طرف في العلاقات السياسية ولذا فلا تجد فيها السلطات عادة  خطورة شديدة وقد تغض النظر عنها كما هو حاصل الآن في سوريا 

نحن نأمل أن ترخص لنا الجهات المعنية لنضيف الشفافية علىعملنا ولانلجأ لأساليب ملتوية لإخفاء بعض أنشطتنا وقد قررنا منذ البداية أن يكون العمل علنيا واضحا شفافا سيما أن جمعيتنا تضم سائر الأطياف قي المجتمع 

إننا نأمل ونحن في بداية عملنا الذي لم يمض عليه سوى خمسة أشهر أن ننشىء فروع للجمعية في سائر محافظات القطر ويزيد أنصارها والمساهمين فيها وأما التعاون مع الآخرين فهو متروك للظروف وتقدير المصلحة التي تناقش في حينها

 

*قرأنا منذ مدة أن انتخابات نقابة المحامين الأخيرة حققت تقدما على صعيد الصوت المعارض ما تقييمكم لتلك الانتخابات؟

** لعل أسوأ ما يمكن أن يكون هو انتخابات نقابة المحامين ذلك أن قانون مزاولة المهنة الذي صدر برقم 29 تاريخ 21/8/1981 إنما فصلته السلطة على مقاسها تماما وألغت بموجبه القانون رقم 14 لعام 1972 والذي وإن كان قد صدر دون رأي نقابات المحامين وإنما كذلك أصدرته السلطة على هواها إلا أنه كان يضمن استقلال النقابة واستقلال أعضائها وقرارها 

أما القانون المطبق حاليا فقد ألحق النقابة بالأجهزة الأمنية وبالحزب الحاكم والذي يسيطر حسب الدستور على قيادة الأمة  ولقد اتخذ اتحاد المحامين العرب بهيئاته العامة  عقب اعتقالنا وإصدار القانون 29 الآنف الذكر قرارت عديدة أدان بها اعتقالنا وطرد النقابة السورية المعينة آئند وأدان القانون وقرر تشكيل لجنة برئاسة النقيب السابق الأستاذ زهير الميداني لمراجعة المسؤولين للعدول عن القانون أوتعديله بما يضمن استقلال نقابة المحامين واستقلال قرارها وحرية انتخاباتها إلا أن المسؤولين رفضوا هذه القرارات وأداروا ظهرهم للجنة المشكلة واستمروا في تنكب جادة الحق والعدل 

تعلمون أخي الكريم أنني وكيل النائبين السيدين رياض سيف ومأمون الحمصي وكذلك الزميل الأستاذ رياض الترك والزميل حبيب عيسى 

لقد نظمت الوكالة باسمي وبإقرار الأستاذ رياض الترك إلا أن فرع نقابة المحامين في دمشق رفض تسليمي الوكالة بداعي الأوامر المخابراتية كما أنني لم أستطع زيارة الزميلين المحاميين لرفض السماح لي بالزيارة من قبل محكمة أمن الدولة والنقابة المفروض فيها أن تدافع عن المحامين لم تحرك  ساكنا بل العكس هو الصحيح فإنها تنحاز للنظام ضد زملائها وضد العدالة فكيف يمكن لنا أن نفسر ذلك ؟

سبق لي أن أبديت  رأيي في موضوع انتخابات النقابة وقلت أن الحل يكمن في مقاطعتها وإعلان هذه المقاطعة إلا أن اليد الواحد،عادة لا تصفق

  وأخيرا أود أن ألفت نظركم إلى أنني سبق أن عملت دراسة مختصرة للأحكام العرفية أرسلها لكم لعلكم تنشرونها فتكون نواة بحث موسع مستقبلا

 

[تحت] [الصفحة الرئيسية] [فوق] [الصفحة التالية]

 

 الرجاء إرسال أي بريد الكتروني  بخصوص موقع الجمعية إلى  hrassy@ureach.com
Copyright © 2002 HRAS-Syria
آخر تحرير لهذه الصفحة: 2002-05-23 

Hit Counter